Wednesday, April 4, 2012

اكتمال


انتهت من ارتداء فستانها القصير، أحكمت ربط شرائط حذائها، أصلحت زينتها ووقفت تتأمل نفسها في المرآة. تبدو الآن كما تحب أن تتذكر نفسها، راقصة باليه محترفة لا يشق لها غبار، في واحدة من تلك اللحظات الأسطورية التي يذكرها التاريخ كثيراً

القاعة تعج بالجمهور، لا موضع لقدم، الآلاف مازالوا محتشدين أمام القاعة، الكل يمني نفسه بحضور العرض المنتظر لرقصتها الأسطورية. تدخل إلى القاعة فتحتبس الأنفاس، هي الآن محور الكون، الأضواء مسلطة عليها من كل ناحية، يتعالى صوت الموسيقى

تبدأ في اتخاذ وضعياتها الرشيقة، تنساب مع الموسيقى في تناغم مدهش. لم ترقص في حياتها مثل تلك الليلة، يزداد إيقاع الموسيقى فيزداد انسجامها، تتحد روحها مع الألحان، تتراقص، تطير، تنطلق، تنفلت من عقالها، تتخلص من كل قيود الجسد، وقيود النفس، وقيود الروح، ترتفع، تنساب، تسطر معنى آخر للحياة .

لا يفصلها عن الكمال سوى خطوتين للأمام ودورة واحدة ف الهواء، ترفع رأسها لأعلى، تمد ذراعيها تتمسك بالسماء، تترفع عن الأرض، ينقطع شريط حذائها الأيسر، تسقط أرضا.

لوحة تضاهي أعبث لوحات الفن التجريدي، الموسيقى تصاب بالخرس، الضجيج يملأ المكان، الجمهور ينتفض، تتعالى صيحات الاستهجان وشهقات الدهشة، هى تنكفأ على نفسها في منتصف القاعة، صامتة كالصخر باردة كالأصنام، كل شيء انتهى في لحظة

جربت الرقص بعدها لكنها لم تفلح قط في لملمة نفسها، لم تستطع النهوض مرة أخرى، الكل نسى معبودته الأجمل، فقدت رونقها وسحرها و بريق عينيها، انهارت أسطورتها الحية. هم لا يذكرون لها سوى سقطتها الأبشع، هي مازالت ترتدي زيها القصير وتحكم ربط شرائط حذائها، علها ترجع كما تحب أن تتذكر نفسها، راقصة باليه محترفة في لحظة أسطورية لا يفصلها عن الكمال سوى خطوتين للأمام ودورة واحدة ف الهواء .

No comments:

Post a Comment