Saturday, September 8, 2012

doesn't have a title yet


ما الذي دفعك لهذا يا حسن !! هل اعتقدت أن موتك سيكون مريحاً لي، هل ظننت أني الآن سأستطيع النوم هانئاً دون أن أحلم بمن يطعنني أثناء سُباتي، هل تخيّلت أني سأعبر الشارع دون خوفٍ من السيارات المسرعة، أم توقعت أني لن أجتنب الاحتكاك بالآخرين بعد الآن. ولماذا أخبرتني يا حسن ! كنت تعلم جيداً أني سأفكر في قتلك ولكني لن أجرؤ أبداً على فعلها، لن أقتلك أبداً يا حسن. أو ربما فعلت، ربما أرديتُ روحك –يا صديقي- حين صدّقتُ تلك العجوز الغجرية .

لم يكن من طباعي تصديق خرافات العجريين ولا نبوءات المشعوذين، ولكن شيئاً ما اختلف هذه المرة؛ لقد بدأت العجوز صادقة، شيءٌ ما في حركاتها العبثية وضحكاتها المنتشية يُخبرني أنها واثقة مما تقول، صحيحٌ أني لم أزر مشعوذة من قبل، لكنها بدت لي واثقة وهذا هو ما أقلقني بحق .
"سيقتل أحدكما الآخر، لست أدري متى ولا أين، ولكن الموت يقبع بينكما في منتصف الطريق تقريباً" . قالتها ورفعت كلتا يديها للسماء وراحت تتلوى في هيجانٍ عجيب مُكمِلةً طقوسها الغجرية المجنونة .

لم يكُن حسن صديقاً عادياً، كان يكبرني ببضعة أعوام، لكني كنت أُحِسّه بديلاً لوالدي الذي لم أره قط، تعلمت منه كل ما أعرفه -تقريباً- عن الأدب والعلم والفلسفة والتاريخ والنساء، كل ما عشته وعرفته واختبرته يوماً، كان له نصيبٌ فيه. وأقول كان لأن كُلُّ شيءٍ تغير بعد زيارتنا لخيمة تلك المرأة الغجرية .

الذهاب إلى هناك كانت فكرة حسن، أخبرني أننا سنحظى هناك بعض المرح، سنحاول خداع تلك العجوز المخبولة –على حد وصفه- ولنرى إن كان في استطاعتها كشفنا، وافقته على الذهاب بعد أن قطع لي وعداً بألا يصدق شيئاً مما ستقوله. هو لم يصدق ما قالته ولكن كنت أنا من صدقت. فقط لو أنها لم تؤدِ تلك الرقصة الأسطورية ولم ترمقني بتلك النظرة الهائمة، لو أنها لم تفعل ما فعلَته، ما كنت لألقي بالاً لما قالته ولم أكن لأفكر فيما ما حدث، ولكنها حقاً بدت تعرف عن أي شيءٍ تتحدث .

بعد انصرافنا عنها لاحظ حسن أني أجفلت، أشار باصبعه نحوي  وأطلق صوتاً يشبه الرصاص، ابتسمت في برود ورفعت رأسي نحوه ببطء، حين نظرت في عينيه علمت ان محاولته مداعبتي ليست إلا مداراةً لما شعر به من اهتزاز، وضعت يدي على كتفه قائلاً: "ماتخافش، أكيد مش أنا اللي هقتلك يا حسن" ابتسم ونظر نحوي في صمت .
كانت تلك هي المرة الأخيرة التي رأيت فيها حسن، تباعدت بيننا المسافات بعد أن كنا أقرب من اصبعين في يدٍ واحدة، صرنا نختلق العذر بعد الآخر حتى لا نلتقي ولو صدفة، حتى نفدت منا الأعذار، بعد أن كنا لا نفترق أصبحنا نجتنب أحدنا الآخر، تحول الأمر إلى مكالمات هاتفية قصيرة، ثم إلى سلامات متباعدة من الأصدقاء المشتركين، ثم إلى لا شيء .

ماذا لو كان الأمر كله مجرد هلاوس عجوز مخمورة، ماذا لو كانت هرطقات وهواجس مُشعوذة لا تدري عن أي شيءٍ تتحدث، ماذا لو كان مزحة سخيفة من حسن –ألم يكن هو صاحب الفكرة من البداية- . لكن ماذا لو كان العكس، ماذا لو أنها تقرأ الغيب فعلاً، ماذا لو كان حسن يخشاني مثلما أخشاه، ماذا لو كان يُخطط الآن لقتلي، أليس من الأفضل إذن أن آخذ حذري وأبتاع سلاحاً، أليس الأفضل أن أباغته أنا دون أن يباغتني .

"حسن مات !" صرخت بها والدتي بعد أن أجابت رنين الهاتف. كيف حدث هذا ومتى؟ هل صدمته سيارة أو ما شابه ! هل قتله أحدهم ! هل قتلته أنا ! لا أذكر أني التقيته أو تربصت به، إنني حتى لم أشترِ السلاح بعد !. "لقوه انهاردة الصبح ميت في سريره" أكملت والدتي في حشرجة .

مات حسن في الليلة التي كنت أفكر فيها أن أقتله، فعل الرب ما نويته أنا ولم أقدر على فعله. لا أدري حقاً هل هي قسوة من الله أم علامة على رحمته، لكنّها بالتأكيد قسوة مني، صدّقت أكاذيب تلك المشعوذة الخرفة وتركت صديقي في آخر أيامه، لم أكن بجواره حين كان في حاجةٍ إليّ، وآخر ما امتلكه عني هي ذكرى سيئة وربما العديد من الأفكار المخيفة والكوابيس المفزعة، إنني حتى لم أبكِه في العزاء كما كنت أتوقع، لم أبكِه كما يستحق، لم أبكِه كام أردت، في الحقيقة لم أذرف عليه دمعة واحدة، فقط جلست بجوار منير –صديقنا المشترك- في صمت.

حين عُدت من عزاءه وجدت على بريدي الإليكتروني رسالة مختصرة من حسن؛ كانت رسالة انتحار حسن لم يمُت، لقد ابتلع كمية من الأقراص المخدرة، لم يكن يُفكر في أن يقتلني –كما فكرت في قتله- لم يكن يترصدني ولم يفكر أبداً في مباغتتي، كل ما كان يخشاه هو أن أقتله أنا، فضّل الانتحار على أن يمُت بيديّ.

Wednesday, April 4, 2012

اكتمال


انتهت من ارتداء فستانها القصير، أحكمت ربط شرائط حذائها، أصلحت زينتها ووقفت تتأمل نفسها في المرآة. تبدو الآن كما تحب أن تتذكر نفسها، راقصة باليه محترفة لا يشق لها غبار، في واحدة من تلك اللحظات الأسطورية التي يذكرها التاريخ كثيراً

القاعة تعج بالجمهور، لا موضع لقدم، الآلاف مازالوا محتشدين أمام القاعة، الكل يمني نفسه بحضور العرض المنتظر لرقصتها الأسطورية. تدخل إلى القاعة فتحتبس الأنفاس، هي الآن محور الكون، الأضواء مسلطة عليها من كل ناحية، يتعالى صوت الموسيقى

تبدأ في اتخاذ وضعياتها الرشيقة، تنساب مع الموسيقى في تناغم مدهش. لم ترقص في حياتها مثل تلك الليلة، يزداد إيقاع الموسيقى فيزداد انسجامها، تتحد روحها مع الألحان، تتراقص، تطير، تنطلق، تنفلت من عقالها، تتخلص من كل قيود الجسد، وقيود النفس، وقيود الروح، ترتفع، تنساب، تسطر معنى آخر للحياة .

لا يفصلها عن الكمال سوى خطوتين للأمام ودورة واحدة ف الهواء، ترفع رأسها لأعلى، تمد ذراعيها تتمسك بالسماء، تترفع عن الأرض، ينقطع شريط حذائها الأيسر، تسقط أرضا.

لوحة تضاهي أعبث لوحات الفن التجريدي، الموسيقى تصاب بالخرس، الضجيج يملأ المكان، الجمهور ينتفض، تتعالى صيحات الاستهجان وشهقات الدهشة، هى تنكفأ على نفسها في منتصف القاعة، صامتة كالصخر باردة كالأصنام، كل شيء انتهى في لحظة

جربت الرقص بعدها لكنها لم تفلح قط في لملمة نفسها، لم تستطع النهوض مرة أخرى، الكل نسى معبودته الأجمل، فقدت رونقها وسحرها و بريق عينيها، انهارت أسطورتها الحية. هم لا يذكرون لها سوى سقطتها الأبشع، هي مازالت ترتدي زيها القصير وتحكم ربط شرائط حذائها، علها ترجع كما تحب أن تتذكر نفسها، راقصة باليه محترفة في لحظة أسطورية لا يفصلها عن الكمال سوى خطوتين للأمام ودورة واحدة ف الهواء .

Monday, March 5, 2012

وش القهوة


كل أمّا أعمل فنجان قهوة، يطلع وش القهوة حزين
حتى أمّا عملت القهوة بوشّين
كان نفسي أعمل فيهم وش بيضحك
طلعوا الوشين أحزن من بعض

Sunday, March 4, 2012

لقاء - النسخة العاميّة


مش عارف ايه اللي فكره بيها دلوقتي، بعد ما كان نساها وخلاص بدأ يتعود على إنه يعيش من غيرها ويتعود إنها ماتبقاش موجودة في حياته، بعد ما كان خلاص بدأ يفكر في نفسه وفي حياته وف اللي حواليه، رجعت هي بكل عنفها وعنفوانها وسطوتها عشان تسيطر عليه وعلى أفكاره من تاني وكالعادة.
إحساس غريب خلاه يقلب في درج الورق القديم بتاعه عشان يطلعها من وسط الجوابات والورق والرسومات اللي بالرصاص واستكتشات الشخبطة، من جوا الدوسيه اللي من بعد ما كان كل حياته حلف ما هيفتحه تاني طول ما هو عايش، عشان يطلع تذكرة القطر اللي فاته من تلات سنين.
لسه فاكر اليوم دا بحذافيره، يومها كان حاسس إن كل حاجة كانت ماشية ضده، المنبه اللي وقع على الأرض ووقعت منه البطارية فمارنش، القميص الوحيد النضيف اللي كوباية اللبن طارت 3 متر في الهوا عشان تقع عليه، البنطلون الأسود الجديد اتقطع من قبل حتى ما يلبسه، الموبايل اللي –لأول مرة في حياته- نسى يشحنه قبل ما ينام ففصل شحن، حتى ولحد القطر اللي فاته ومالحقهوش عشان راح يستنى على الرصيف الغلط، كل الحاجة في اليوم دا كانت ماشية غلط.
مايعرفش إنها فضلت يومها مستنياه زي ما قالها لكنه ماجاش. ومايعرفش إنها بردو لسه بتفتح درج الورق القديم بتاعها وبتطلع فاتورة الحساب، فاتورة حساب القهوة اللي شربتها لوحدها في الكافيه اللي قعدت فيها لوحدها، لأنه ماجاش. مايعرفش إنها بتفضل تراجع الفاتورة عشان تتأكد إنها راحت المكان اللي اتفقوا عليه، في اليوم اللي اتفقوا عليه، في المعاد اللي اتفقوا عليه، لكنه ما راحش .
من بعدها ماعرفش ايه اللي حصلها وما عرفش يوصلها تاني لكنه كان متوقع إنها خلاص اتجوزت ابن عمها زي ما كان أبوها عايز عشان كدا ماحاولش يتصل بيها تاني .
من بعدها هي ما تعرفش إيه أحواله وإيه ظروفه وفين أراضيه، لكنها كانت متوقعة إنه رجع في كلامه وقرر مايروحش وفضل إنه يسافر ويكمل مشواره لوحده، على إنه يشيل مسئوليتها وتبقى حمل تقيل على كتفه، عشان كدا ما حاولتش تتصل بيه تاني .
هما الاتنين ماحاولوش يتصلوا ببعض تاني لكن فضلت أرواحهم مربوطة بمعاد اتخططله من تلات سنين لكنه ماحصلش

لقاء

لا يدري ما الذي ذكره بها الآن بعد كل هذا الوقت، بعد أن نجح مؤخراً في التعود على غيابها وتصديق أنها لم تعُد جزءاً من حياته كما كانت في السابق وأصبحت مُلكاً لرجلٍ آخر . بعد أن كان قد تخلّص من ذكراها وبدأ في إعادة التفكير في نفسه وحياته ومحيطه ودائرته الذاتية المُغلقة، فإذا بها تعود بكل عنفوانها وسيطرتها وسطوتها القديمة لتستحوذ على كيانه من جديد .
لا يدري ما الذي دفعه لإعادة فتح تلك الحقيبة التي يوم نجح في غلقها بصعوبة أقسم ألّا يقترب منها ثانية، فإذا به يعيد فتحها وإفراغ محتوياتها بكامل إرادته. من بين كل الأوراق والهوامش والمسودّات والقصائد عير المنتهية، كان يبحث عن ورقة بعينها، وجدها في الجيب الصغير الذي وضعها فيه بعناية، إنها تذكرة القطار الذي لم يلحق به منذ ثلاث سنوات .
مازال يذكر ذلك اليوم كأنه البارحة؛ يومها كان كل شيءٍ يحدث عكس ما أراد – كأن الأقدار أبت لحلمهما أن يكتمل، فكانت مشيئة الله ضد مشيئتيهما-. يذكر كيف استيقظ متأخراً عن ميعاده المعتاد بساعة كاملة -لأن المُنبِّه سقط الأرض مُتحطماً أثناء نومه-، كيف طار فنجان القهوة من يد أخاه الصغير قاطعاً ثلاثة أمتار في الهواء، ليُلطخ قميصه ببقعة لم ينجح في تنظيفها بسهولة، كيف تمزق بنطاله الأسود الجديد حتى قبل أن يرتديه، كيف –ولأول مرة في حياته- نسي أن يشحن بطارية هاتفه المحمول قبل أن ينام، وكيف فاته القطار –لأنه وبكل حماقة- وصعد على متن القطار الخطأ.
لم يُدرك أنها في الوقت ذاته كانت تتأمل تلك الفاتورة القابعة في أسفل أحد أدراج المكتب –بين القصاصات والأوراق والخطابات والاسكتشات الغير مُكتملة- . فاتورة حساب قهوتها التي احتستها باردة وحدها، في المقهى الذي جلست فيه وحدها، وحدها لأنه لم يأتِ. لم يُدرك أنها تتفحص تلك الفاتورة الصغيرة -بشكلٍ شبه يوميّ- لتتأكد أنها انتظره في المكان الذي اتفقا عليه، واليوم الذي اتفقا عليه، والوقت الذي اتفقا عليا، انتظرته ولكنه لم يأتِ .
لم يحاول الاتصال بها من بعد ذلك اليوم لظنّه أنها ربما لم تكن تنتظره يومها وأنها حتماً استجابت لضغوطات والدها وتزوجت من ابن عمّها في اليوم التالي .
 لم تحاول بعدها الاتصال به ظناً منها أنه قد عدل عن رأيه وفضّل السفر إلى الخارج على البقاء معها ومحاربة الواقع من أجلها –كما كان يعدها دوماً-.
لم يُحاول أحدهما الاتصال بالآخر مرة أخرى وإن بقيت حياتيهما معلقتين بلقاءٍ على المقهى خُطط له منذ ثلاث سنواتٍ لكنّه لم يتم .

Friday, February 24, 2012

ميت

من يوم ما عرفتك وأنا حسيت بالموت. في الأول ماعرفتش إن دا هو الموت. كان وجعي غريب مخلوط بالنشوة وف حلقي كان طعم الدم، لكن كنت أنا حابب وجعي وكان قلبي فرحان !

دلوقتي أنا وجعي زيادة، والدم ف حلقي زيادة، بس أنا مش حاسس بالنشوة وكاره وجعي وكاره نفسي عشان موجوع، وقلبي كمان مليان بالهم، تفتكري أنا كدا مت خلاص؟

Monday, February 13, 2012

خمسة وعشرون عاما من الهراء

هو أنت كنت بتصدق نفسك لما وأنت صغير كنت بتصبر نفسك وتقول إنك لما هتكبر الدنيا هتتغير!

كنت مصدق إنك هييجي عليك وقت وتلاقيك وتحب نفسك وتحب حياتك وتحب اللي بتعمله!

كنت مصدق إن الشمس اللي ماتت جوا روحك ممكن تحصل معجزة إلهية وطلع تاني! وحتى لو طلعت تاني، مصدق إنها لسه هتنورلك!

كنت مصدق إن كل السواد اللي أنت شايفه حواليك ومش عارف إذا كان قدام عنيك ولا جوا منك ممكن فجأة يتلون بألوان تانية مبهجة!

كنت مصدق إن كل الأوقات الحلوة اللي ضاعت منك ممكن ترجعلك تاني وإنك ممكن تضحك على حاجة غير نفسك!

كنت مصدق إن كل الحاجات الحلوة اللي ماتت فيك هتترد فيها الروح من تاني! هو أنت أصلا مصدق إن روحك لسه موجودة!

أديك عشت وشفت إن مافيش حاجة بتتغير ومافيش حاجة بتتصلح ولا بعد العشرة ولا بعد العشرين ولا بعد الخمسة وعشرين ولا بعد المليون حتى! لا الدنيا اتلونت ولا نورت ولا أنت عرفت تفرح ولا عرفت حتى تحب نفسك

تفتكر لما تموت ممكن تتغير!

Thursday, February 2, 2012

فراغ

الفجوة الموجودة ما بيننا بدأت يوم ما استبدلنا حرف الواو بين أنا و أنت بنقطة

النقطة مع الوقت اتحولت لمسافة ومسافة يعني بعد، لما بعدنا كان طبيعي يتخلق بيننا فراغ

الفراغ أول ما بيظهر بيحتاج معجزة عشان تملاه من تاني، المشكلة أن إحنا أصلا ما بنؤمنش بالمعجزات

الفراغ طالما ما اتملاش بيبدأ يكبر ويوسع وياكل كل حاجة حواليه ويخليها تتلاشى

ودا هو اللي حصلنا

كنا أنا و أنت، بقينا أنا.أنت، بقينا فراغ