Tuesday, September 20, 2011

تعثر

مقدمة لابد منها

البوست دا أنا بهديه لكل الناس اللي نفضولي يوم ما كنت في القاهرة، شكرا إنكم إديتولي وقت أقعد مع نفسي وأفكر مع نفسي وأتأمل مع نفسي وألف ف وسط البلد مع نفسي

شكرا لشارع طلعت حرب بمبانيه، بمحلاته، بناسه، برصيفه، بسلم الميترو اللي ف آخره، شكرا على الإلهام

شكرا للصديقة العزيزة شيماء حسن والصديقة الجديدة الجميلة كارمن، شكرا على إعادة الثقة ليا

شكرا لأي حد وأي حاجة ساهم بطريقة أو بأخرى ف إني أرجع أكت تاني بعد انقطاع أكتر من ٩ شهور

شكرا

تعثر

فتاة صينية ف العشرينات من عمرها تفترش الأرض عارضة بضاعتها من الأحذية الجلدية زهيدة الثمن، آملة في أن تجمع ما يعوضها عن فراق الأهل والصحب والدار، تتظاهر بإعادة ترتيب بضاعتها محاولة إخفاء صدرها النحيل -خلف ذراعيها- من ذلك الضخم الذي وقف يلتهمها بنظرات دونية، هي تعلم جيدا أنه يتفحص جسدها دون أن يهتم ببضاعتها القليلة ولا بألمها الكبير، ولكنها لا تستطيع حتى أن تنهره. تزفر في حنق لاعنة المعيشة القاسية ولقمة العيش التي دفعتها إلى مطاردة حلم بائس في بلد أبأس، حلمها الذي تحول من رغبة في الثراء والحياة الكريمة إلى فقط الأمل جمع ما يكفي لرحلة العودة إلى الوطن.

جندي من جنود الجيش يرتدي زيه التقليدي المموه، يبدو من ملامحه أنه لم يتعد العشرين من عمره، بشرته داكنة، وجهه شاحب، حذاؤه مهترئ كقلبه الصغير، بندقيته الآلية أصابها الصدأ. يقف في صمت
أمام المبني الجديد لأحد البنوك الشهيرة، يتأمل العملاء من أصحاب السيارات الفارهة والملابس الفاخرة والطباع الحادة. هو حقا لا يحقد على زبائن البنك ولا على رواد المقاهي والمطاعم الشهيرة المجاورة ولا حتى على طلاب الجامعة الأجنبية في الشارع الموازي، كل ما يحلم به هو إتمام فترة تجنيده والعودة إلى قريته الصغيرة لينشغل بأسرته وبحياته التافهة وأحلامه البسيطة التي لا يدري معظم الأثرياء -الذين يحرسهم ويحرس أموالهم- حتى بوجودها. يلمح تلك الشقراء متجهة نحو ذلك الشيخ ذو العكازين، يحاول تحذيرها لكنها لا تسمعه، يشاهد الارتطام وتجمع المراهقين حول الأجنبية الحسناء، يستجيب لصرختها قبل حتى أن تنطلق، يسرع نحوها يلتقطها من بين أيديهم، ينظر نحوها في ذهول، يهم بالسؤال عن حالتها والاطئنان عليها، لكنه أيقن أنها لن تفهمه، استدار في سرعة وعاد إلى نقطة حراسته داعيا الله ألا يشعر قائده بغيابه

طفلة لم تتعد العاشرة من عمرها، رثة الملابس، قذرة المظهر، حتى روحها التي لم يكتمل تكوينها بعد قد أصابها الوهن. تنظر نحو العابرين بعيون يكسوها استعطاف زائف أتقنت رسمه من طول التحافها ببرد الرصيف، تنظر نحو ذلك البدين صاحب الأكياس البلاستيكية المكدسة في استعطاف عله يشفق عليها وينقدها قطعة فضية قد لا تمثل له أية أهمية لكنها تعني لها الكثير. يتجاوزها البدين في برود فتتطلع في صمت نحو أكياسه التي يحملها، لابد أن لديه ما يصلح للأكل

سائحة ألمانية شقراء تتجاهل عرقها المتساقط على جبهتها، ترفع زجاجة المياه إلى شفتيها وترتشف الماء في نهم، آملة أن تنجح قطرات المياه الباردة في تعويض ما فقدته من السوائل. تصطدم بذلك الكهل ذي العكازين، فتندفع مسافة مترين للأمام قبل أن تسقط على وجهها وتتدحرج أرضا، امتدت إليها عشرات الأيدي، حاولت التعلق بإحداها لكنها فشلت، اكتشفت أن الأيدي امتدت نحوها لا لنجدتها ولكن لمحاولة العبث بما تطاله من جسدها الأوروبي البراق، يد واحدة امتدت نحوها واختطفتها من بين الأيادي العابثة. نهضت في ذهول غير مصدقة ما حدث لها، حاولت شكر ذلك الغريب الذي أنقذها لكنها لا تفقه لغته، وهو قطعا لن يفهم ألمانيتها -في تلك اللحظة تحديدا تمنت لو أنها عملت بنصيحة صديقتها والتحقت بفصل تعلم الانجليزية، لربما أفلحت في التواصل مع ذلك الغريب ذو البشرة السمراء-. نظرت نحوه في صمت مكتفية بهمهمات غير مفهومة والكثير من الدموع

شاب عشريني بدين يحمل الكثير من الحقائب البلاستيكية، يظهر من نظرته المنبهرة وانفعالاته الساذجة كلما مرت عليه فتاة ترتدي أكماما قصيرة أنه ليس من سكان المحروسة، يتوقف كل دقيقتين لالتقاط أنفاسه اللاهثة وسؤال أحد المارة عن وجهته، يحاول السير بأسرع ما يسمح به جسده المترهل عله ينجح ولو مرة واحدة في اللحاق بقطار الساعة الثالثة. يتوقف أمام تلك الآسيوية الضئيلة، يتخيلها بأثدائها الضامرة ومؤخرتها النحيلة وهي تصرخ معترفة بفحولته القجة وتئن تحته من وطأة جسده الثقيل،يتصبب عرقا يتلعثم في وقفته ليسقط أرضا. تتمزق إحدي حقائبه وتتساقط محتوايتها أرضا، يسقط بجوارها ناظرا نحو المارة مستجديا المساعدة من أحدهم، يتجمع حوله شخصان أو ثلاثة يهمان بمساعدته، غير أنهم يتشاغلون بتلك الألمانية الشقراء التي سقطت على الجانب الآخر. تختطف تلك الصغيرة حقيبتين من حقائبه وينطلق كالسهم نحو شارع جانبي. يهم البدين بمحاولة اللحاق به لكنه يدرك أنها ستكون محاولة غير مجدية، يسرع بتفحص حقائبه ليكتشف أن اللصة الصغيرة سرقة حقائب ثيابه الجديدة، ينكب على باقي الحقائب ملوحا بقبضته ومتمتما بسباب بذيء

كهل سبعيني يمشي على عكازين يحاول الإسراع في الخطو بمقدار ما تسعفه خشبتيه المهترئتين من كثرة نحت الأرض لهما ونحتهما للأرض. يتحسر على كل الخطى التي لم يخطها حين كان قادرا على ذلك، ينظر بأسى نحو الرصيف المقبل، أسى لا يعرفه سوى رجل يجاهد كل يوم لعبور الشارع آملا فقط في الوصول إلى الجهة المقابلة دون أن يفقد أيا من أطرافه الباقية، يقطع أفكاره تلك الحسناء التي ارتطمت به فأسقتطه أرضا وسقطت معه، حاول أن يمد يده ليتعلق بعكازه، بأحد المارة، بالسلم الحديدي، بأي شيء، لكن يده الواهنة لم تستطع الإمساك سوى بالفراغ. شعر بنفسه يندفع إلى الخلف، تدحرج دحرجتين على سلم نفق الميترو. كل ما رآه بعد ذلك منظر مهيب للعذراء تتوسط الأفق محاطة بالملائكة من كل الجهات

Sunday, September 18, 2011

شيزوفرينيا

لما تفضل تدور على نهاية مناسبة لحكايتك، ولما تلاقيها، تكتشف إنك ضيعت البداية والحكاية كلها، وأنت نفسك ضعت منك

تفتكر الاعتذار ف الحالة دي هيكون كفاية؟ أو على الأقل مناسب؟ طب تعتذر لمين وعن ايه؟

تعتذر للبنت اللي أنت بقالك كتير بتحلم بيها وزرعت جواها الحلم بيك، ووقت ما بقيت قادر على تحقيق الحلم ده ضيعته وضيعتها وضعت معاهم؟

ولا تعتذر لأي حد صدقك أو احترمك أو رسملك ف خياله صورة كبيرة قوي ف وقت ما أنت لا عارف تصدقك ولا عارف تحترمك ولا حتى عارف تشوف نفسك كبير؟

ولا الأولى من الاعتذار للناس إنك تقف قدام المراية وتعتذر لنفسك عن إنك ضيعتها وبهدلتها معاك، هو أصلا مين فينا اللي ضيع التا‎، أنا ولا نفسي؟‎ ‎ومين فينا اللي المفروض يعتذر للتاني، أنا ولا نفسي، ولا يمكن أنا ونفسي اتظلمنا بس لو إحنا اتظلمنا يبقى مين ظلمنا، الحلم اللي ماكنش على قدنا، ولا البنت اللي حبتنا حب مانستاهلوش، ولا الناس اللي كانوا بيحملونا فوق طاقتنا وبيستنوا مننا حاجة مانقدرش عليها يا ترى مين فنا ظالم ومين فنا مظلوم، مين فينا الصح ومين الغلط، مين فينا الكداب ومين اللي انضحك عليها ونفسي اتظلمنا بس لو إحنا اتظلمنا يبقى مين ظلمنا، الحلم اللي ماكنش على قدنا، ولا البنت اللي حبتنا حب مانستاهلوش، ولا الناس اللي كانوا بيحملونا فوق طاقتنا وبيستنوا مننا حاجة مانقدرش عليها يا ترى مين فنا ظالم ومين فنا مظلوم، مين فينا الصح ومين الغلط، مين فينا الكداب ومين اللي انضحك عليه

Thursday, July 14, 2011

تواصُل


"مرحباً بك مرة أخرى، لم نرك هنا منذ فترة"  قالها لي وهو يمسك بالمقبض ليفتح الباب.
أربكني تعبير وجهه العفوي ابتلعت ريقي في صعوبة وغمغمت"حسنا .. نعم .. في الحقيقة .. أنت تعلم الظروف
"
"
حسناً، نحن نعرف. تفضل، أمازلت تذكر تفاصيل المكان؟" قالها بابتسامة رضا واسعة أشعرتني ببعض الارتياح.
"نعم، حسناً، أعتقد أني لم أغب كل هذا الوقت" قلتها وأنا أشق طريقي عبر الردهة وبين المقاعد والجالسين حتى وصلت إلى منضدتنا المعتادة خلف حوض الورود الحمراء.
وجدتها هناك، تجلس نفس جلستها المعتادة، تنظر عبر النافذة في وجوم، تراقب المارة وتعد السيارات، أمامها فنجان القهوة كما هو لم تمتد يدها إليه، بدا وكأنها مازالت تجلس ذات الجلسة لم تتحرك منذ رأيتها أول مرة .
جذبت مقعدي في هدوء وجلست، بدا وكأنها لم ترنِ بل وكأنها لم تشعر بوجودي، تحسستُ أصابعها في رقة كانت كافية لإنهاء شرودها وإعادتها لأرض الواقع. التفتت نحوي في فزع ونظرة التفكير في عينها تحولت لنظرة عتاب لذيذة .
"قد افتقدتك جدا، لماذا تأخرت كل هذا الوقت"
نظرت في ساعتي، بالفعل كنت متأخرا بعشر دقائق عن ميعادنا "حسناً، آسف، ولكني حقا لم أتأخر كثيراً"
"عشرون عاماً ولم تتأخر!!"
"ليست عشرين عاماً بالمعنى الحرفي، لقد كنا سوياً من ساعتين"
قطبت جبينها في انفعال وقالت "أخبرني عن أحوالك وعن حياتك، هل حققت شيئاً من أحلامك"
أجبتها في ملل "كل شيء على ما يرام، أنا الآن أب ولدي أسرة صغيرة أعشقها بجنون ولدي شركة هندسية صغيرة أديرها مع زوجتي، التي هي أنت بالمناسبة. ولكن لم أخبرك كل هذا، أنت تعرفين على أي حال"
ابتسمت في خجل قائلة "نعم أعرف كل هذا، لكني أسأل عنك، أخبرني عن ذاتك، هل تشعر بالرضا عما وصلت إليه"
"حسناً، أنت تعرفين أنني أستمد سعادتي من سعادة الآخرين، ولكن أستطيع أن أقول أني بخير"
حين نظرت إليها، وجدت ذلك الانفعال الملائكي الرائق –الذي كنت أعشقه- على وجهها، وجدت عينيها تلمعان، وابتسامتها تضيء، وجدتها تتألق على نحوٍ لم أره منذ عشرين عاماً
"
لكني حقاً افتقدتك، افتقدت جلستنا هذه، وحديثنا هذا، افتقدت نظرتك هذه، لمستك، ابتسامتك، لمعة عينيك، افتقدتك حقاً" قلتها واحتضنت يدها بقوة، وكأني أخشى أن تهرب مني ثانية .
لمعت الدموع في عينيها واحتضنت يدي هي الأخرى
نا أيضا افتقدتك جداً، عشرون عاماً وأنت جواري لكنك لست معي، دائماً كان همك العمل والاجتهاد وتربية الأبناء، لم تكن معي حقاً. احتجت دعمك لي، مشاركتك أفكاري، افتقدت حبك لي، شغفك حين تداعبني، حتى حينما كنا في السرير، كنت تفعلها وكأنك مرغم على أداء واجبك الأسري، لا لأنك ترغب في"
"
ولماذا لم تقولي شيئا من قبل، لماذا لم تظهري ذلك"
"كان يجب أن تشعر بي وحدك، أن تأتيني بإرادتك، لا أن أناديك"
"
حسنا، أنا هنا الآن ولن أذهب بعيدا مرة أخرى، سأظل جوارك للنهاية"
"
هذا ماقلته يوم زفافنا، أتذكر؟"
"
حسنا أذكر، لكني الآن تغيرت، لقد فعلت كل ما طلبته حتى الآن، أني اعتبرت الفكرة في البداية ضرباً من الصبيانية"
"صبيانية"
"قلت في البداية، لكنها حقاً تروقني الآن، ومادامت ترضيكي فهي ترضيني"
"لا تفعل ما يرضيني، فقط افعل مايرضيك. ألم تلحظ الفرق حين دخلت؟ الكل لاحظ ذلك، لاحظوا أنك ولأول مرة منذ عشر سنوات تبتسم "

Sunday, May 22, 2011

نكتة

النكتة اللي سمعها مليون مرة من مليو واحد، عمره ما عرف يضحك عليها، رغم إنهم دايما لما كل واحد يقول نكته كان هو لوحده بيضحك لما يقولها

رغم اختلاف التفاصيل الواضح وإصرار أصحاب النكت في كل مرة إن النكتة المرة دي جديدة أو على الأقل مختلفة، لكن كان دايما بيشوفها قديمة ومملة وبايخة، أو على الأقل متكررة

كان شايف إن النكتة بجد هي النكتة بتاعته، نكتة تشبهله باسمه وسنه وعنوانه وتفاصيل روحه. قالها مليون مرة لمليون واحد ولامرة حد عليها ضحك، رغم إنه كان دايما بيضحك وهو بيقولها

رغم إصراره إنها نكتة جديدة أو على الأقل مختلفة، كانوا دايما شايفينها قديمة ومملة وبايخة أو على الأقل متكررة

Saturday, April 30, 2011

حب

إذا حبك حلال ليا
فأنا عابد
وشيخ لطريقة العاشقين
وأنا أول شهيد ليكي
وأنا آخر إمام بيصلي لعنيكي
وأنا صديق
وأنا آخر نبي مرسل
وحبك هو معجزتي وكتابي وآية للتابعين

ولو حبك عليا حرام
فأنا شيطان
ومولود من ضلوع مارد وجنية
ومخلوق من نيران قايدة
ولا يمكن يطفي النار سوى وجودك حواليا

وفي الحالتين
إذا حبك حلال ليا
ولو حبك عليا حرام
فأنا مش عايز الجنة
ولا خايف من إني أتشوي في النار
أنا عايزك
وأنا في مجمل الأحوال
كفاية عليا أكون ليكي
وتبقي أنتي الحياة ليا

Monday, April 11, 2011

مساحة شاسعة من اللاشيء


للدنيا وللغرباء وللقدر الذي مازال لا يتقن الابتسام .. ولها


بالأمس حلمت بأني أسكن الخلاء بلا أثر للحداثة أو مظهر للحياة، فقط مساحة شاسعة من الصمت الصحراوي الناصع الصفار. ربما قليل من اللون الأخضر هنا أو هناك لن يضر -طالما سيظل أقلية صامتة-
منزه عن كل عيب، مطهر من كل خطيئة، كامل من كل نقص، أصفى من الحزن، وأكبر من الحياة ذاتها، وحيدا لا يؤرق وحدتي شيء، لا يتطفل على حيز وجودي كائن آخر ولا يحيط بفراغي الخاص أي شيء، فقط فضاء غير متناه من اللاشيء. لا كائنات ولا جمادات، لا جميل ولا قبيح، لا جيد ولا سيء، لا حلال ولا حرام، لا متاح ولا ممنوع، لا ممكن ولا مستحيل. لا شيء، فقط لاشيء
هكذا حلمت أن أموت أيضا، لا أريد أن أدفن في كفن -الفضاء اللامتناهي لم يسعن حين امتلكته، كيف يسعني كفن ليس لي- أريد أن أترك فوق سطح الأرض يتبخر معظم جسدي، تتلاشى كل الأعضاء التي طالما أرهقتني، كل الأجزاء التي فشلت في احتوائي تذهب جفاء، وأما ما ينفع الروح يمكث في الأرض
ربما يختلط قليل مني برمال الصحراء التي تحتويني -كرد للجميل ليس إلا- لكن الجزء الأكبر مما يتبقى من جسدي يتحول إلى بذور تحملها ريح الصحراء الشرقية إلى بلد ميت، فأنبت فيه مرة أخرى وأعيد دورتي في الفراغ، أو ينبت قوم آخرون قد لا يشبهوني في شيئ إلا في امتلاكهم قطعا تشبه مساحتي الشاسعة من اللاشيء

Tuesday, April 5, 2011

لون مختلف

فطاره الصبح كان دايما بياض بيضه
وبسكوته
ولبن أبيض

ويخرج لابس البدلة اللي لونها أبيض
ولابس جزمته البيضا
وتحتيها شراب أبيض

حيطان البيت داهنها كلها أبيض
وعربيته كمان بيضا
وعفش البيت كمان أبيض

مفاتيحه ومنديله ومحفظته
ونضارته وساعة ايده والمحمول
جايبها كلها بيضا
وحتى مكتبه في الشغل لونه أبيض

لكن رغم البياض حواليه
ورغم إنه بيرسم نفسه بالأبيض
وبيلون حدود الدنيا بالأبيض
بيفضل قلبه وسط اللوحة متلون بلون أسود

Thursday, March 31, 2011

مشي

رغم إن رجليه بتوجعه
والتراب مالي الرصيف
والعيال بيحبوا يقفوا ف سكته
وقت ما يحاول يعدي
والشمس متعتها الوحيدة إنها تعاكس قفاه
بس كان بيحب يرجع بيته مشي

كان حاسس إنه لما هيروح الوجع
مش هيلقى طريق يخطي عليه
مش هيلقى رصيف يساعه
مش هيلقى بيت يقابل خطوته
وقت ما يحب إنه يرجع بيته مشي

طيران

أنا ماخترتش الغربة
ولا عايز أكون وحدي
ولا قاصد أكون رحال
صحيح كان نفسي مرة أطير
يكون طيراني حرية
وغسيل للروح
وأكون فرحان
ولما أتعب من الطيران
ألاقي عنيكي تندهلي
تكوني الحضن والمرسى وبر أمان

ولما حاولت إني أطير
لقيت جناحاتي مكسورة
ومربوطة
ومقصوصة
ووهم كبير
لقيت غربة
ولقيت ترحال
لكن مالقيتش حرية
ولا فرحة
ولا أحضان
ولا جنة
ولا مرسى
ولا طيران
ومالقيتش الحياة حلوة
ومالقيتكيش

Monday, March 28, 2011

مارس

كل شيء في مارس يبدو زاهيا، مزدهرا، مكسوا بألوان الطيف، حتى نسيم مارس رائحته حلوة. كل شيء يبدو نقيا كأن الكون قد خلق في مارس

ربما هذا هو انطباعكم عن شهر مارس، هذا ما قرأته دائما في الكتب عن مارس وجمال مارس وروعة مارس وطبيعة مارس، لكني لم أختبره يوما من قبل.

بالنسبة لي، مارس هو شهر ليالي الأرق الأبدية، شهر رؤى الأشباح والغيلان والساحرات الشمطاوات، مارس بالنسبة لي هو شهر الكوابيس. هو أيضا شهر الموت، أمي ماتت في مارس، أبي تبعها في مارس أيضا، سعادتي وأحلامي وإشراقة وجهي اختفت في مارس. قلبي أيضا مات في مارس

كل ما بقي لي من مارس هي الذكريات التعيسة والأحلام المفزعة، مارس هو ما يربطني بالألم. ربما إن نجحت في التخلص من مارس فسأتخلص معه من ضعفي وخوفي وكآبتي وآلامي، ربما إن اختفى مارس فسيختفي معه الموت. غدا سأصدر مرسوما ملكيا بالتخلص من مارس بلا رجعة، غدا سيذهب مارس ولن يعود

كل شيء الآن أصبح مختلفا، الكون فقد شهر ميلاده، الطبيعة فقدت شهر عنفوانها، الآن فقدنا مارس. النهر لم يعد يفيض، الورود أصبحت لا تزهر أبدا، أرضنا أصبحت لا تنت الزرع، الحيوانات والطيور والأسماك كلها اختفت، لم تكن تتزاوج إلا في مارس. حتى الحب اختفى، لم نكن نحب إلا في مارس. كل الألوان تلاشت، كل الروائح تبددت، حتى النسيم أصبح لا يذكر. لكن كل هذا لا يقارن باختفاء البشر، كل الذين تزوجوا في مارس، كل الذين ولدوا وكبروا وضحكوا وبكوا وأحبوا وكسروا وماتوا، كل الذين عاشوا في مارس، كل هؤلاء اختفوا وصاروا مجرد صور على الحائط أو صفحات في الكتب.

ذهب مارس وذهب معه كل شيء، كل شيء إلا الكوابيس والألم والخوف والذكريات الموجعة، أصبحت الآن تهاجمني ليل نهار، صارت تأتيني كل الوقت. الآن أدرك أن مارس احتواها من أجلي، أدرك أنه حماني من سيطرتها علي باقي العام. آه كم أفتقدك يا مارس

Saturday, March 5, 2011

افتقاد


من فترة طويلة النوم مجافيه
بقى يسهر يسأل نفسه
الناس اللي بيفضل طول الليل بيفكر فيهم
أصحابه اللي كتير وحشوه
نسيوه
ولا واحشهم أكتر
وبيسهروا طول الليل بيفكروا فيه

البنت اللي ماهوش قادر يصارحها إنه بيحلم بيها
وبيسهر طول الليل يشاغلها
ويصدق نفسه إنها فعلا عايزاه
وإنها أكتر منه بتحلم بيه
فيقرر إنه هيكتب حاجة
ويقول جواها اللي مخبيه
ويقول ع اللي بيشغل باله من غير ما يخاف من رد الفعل
بس المشكلة إنه بيسرح
وبينسى إنه هيكتب
وبينسى هيكتب ايه

من فترة طويلة النوم مجافيه
بقى يسهر طول الليل بيفكر
هي الشمس بقت تتأخر
ولا الشمس بتيجي ف نفس الوقت بتاعها
بس الليل هو اللي طويل
بي

Saturday, February 12, 2011

صباح الحرية


صباح الخير عليكم جميعاً، صباح الورد والفل والياسمين وكل الحاجات الجميلة، صباح الحرية على كل مصري ومصرية

اللي حصل امبارح ده شيء ولا في الأحلام، وحاجة مكانش حد ممكن يتخيلها ولو كان حد قال إن المصريين هيعمله ثورة كنا أكيد هنقول عليه مجنون. لكن حصل وعملناها وكانت مفاجأة لنا إحنا نفسنا، لكن عملنا أجمل وأعظم ثورة في التاريخ كله

خلال أيام الثورة أنا فعلاً اتعلمت حاجات أكتر من اللي اتعلمته في حياتي كلها، أو خلينا نقول إن الحاجات اللي طول عمري بسمع عنها في الحكايات ومش بلاقيها غير في الكتب، شفتها بعنيا وجربتها وحسيتها. شفت التكاتف والتكافل والتعاطف والمودة والتسامح والأخوة والمروءة والكرامة والجرأة والشجاعة والنبل والكرم والعزة والاحترام والأدب والشهامة والإنسانية والجدعنة وكل المعاني الحلوة اللي كنت متخيل إنها مش موجودة. الثورة فعلاً غيرت جوايا حاجات كتير قوي وعلمتني حاجات كتير قوي وأتمنى فعلاً إنها تكون بداية صح ليا كإنسان وكمواطن

ماقدرش أنكر إني أوقات كتير حسيت بالضعف والخوف والتخاذل والاستكانة والفشل، أوقات كتير حسيت إن كل اللي بنعمله مالوش لازمة وكنت طول الوقت بسأل نفسي هي الحرية فعلاً مستاهلة كل ده؟ هي الثورة دي هتنفع بجد؟ ولا إحنا اللي أحلامنا أكبر من اللازم؟

إمبارح بعد بيان التنحي حسيت بفرحة وسعادة حقيقية يمكن عمري ما حسيتها في حياتي، فرحة إنك تحلم حلم ويتحقق أو إنك تتعب عشان تصنع حاجة وتشوفها قدام عنيك، حسيت إني فعلاً بحب البلد دي أكتر مما كنت أنا نفسي متخيل

انهاردة الصبح أول ما طلعت الشمس حسيتها مختلفة، حسيت إن ليها دفا عجيب بيلمس القلب من جوه، حسيت إن نورها بيلمع بدرجة ماشفتهاش قبل كده. الهوا انهاردة كمان مختلف، أول مرة أعرف معنى كلمة الهوا اللي يرد الروح، أول ما مليت صدري بهوا الفجرية لقيتني غصب عني بقول "شميت هواكي لقيت نفسي" حسيت فعلاً إن انهاردة يوم جديد

انهاردة فعلاً مختلف عن إمبارح وعن كل الأيام اللي فاتت، ممكن ماتكونش نتايج الثورة ظهرت فعلاً، لكن انا انهاردة بجد شفت شمس الحرية وهي بتنور كل حتة في مصر، شفت نسيم الحرية وهو بيملا كل مكان في مصر، إنهاردة فعلاً حسيت بالحرية. وعرفت إن آه الحرية تستاهل كل اللي عملناه وأكتر وآه إن الحلم يستاهل وآه إن مصر تستاهل، يستاهلوا بجد أكتر من اللي عملناه وأكتر من اللي بنعمله وأكتر من اللي هنعمله

في حاجة أخيرة عايز أقولها
أنا من كل قلبي بشكر كل الشهداء اللي ضحوا بحياتهم، بشكر كل الناس اللي اعتقلوا وكل الناس اللي انضربوا وكل الناس اللي اتبهدلوا. بشكر كل الناس اللي بيحبوا البلد دي وكل الناس اللي بيحلموا إنها تبقى أحسن. بشكر كل الناس اللي نزلوا الشارع واتحدوا مبارك بنظامه بأمنه برشاشاته بقنابله بعصيانه ببلطجيته. بشكر كل اللي الناس وقفوا قصاد الظلم والفساد والغرور والجبروت، كل الناس اللي سابوا بيوتهم وأهاليهم وحياتهم ونزلوا يعتصموا في الشارع. بشكر كل حد آمن بالثورة وصدقها وحلم بيها وكل حد شارك فيها وكل حد كان نفسه يشارك وماعرفش وكل حد تعاطف مع الثورة وحتى كل الناس اللي رفضوها ووقفوا ضدها. بشكر كل حد ضحى عشان خاطر مصر وعشان نشوف اليوم ده ونحس اللحظة دي

بشكركم كلكم وبوعدكم إننا مش هنخذلكم وإننا هنكمل المشوار لحد مانخلي البلد دي أحسن وأنضف وأجمل وأعظم بلد في الدنيا كلها

صباح الحرية ... وتحيا مصر

Monday, February 7, 2011

تحيا مصر

تحيا مصر
جمهورية ديمقراطية
يحيا الناس
تحيا الثورة للحرية
يحيا العدل
يحيا شباب الثورة الواقف ف التحرير
يحيا الشعب المصري الطيب
يحيا الأمل الجاي ف بكرة
تحيا الثورة للتغيير
تحيا مصر

تحيا مصر ويسقط يسقط حسني مبارك
يسقط ابنه
يسقط حكمه
يسقط حزبه الواطي الفاشي
يسقط كل دنئ متكبر
يسقط كل جبان متحجر
يسقط أمن الدولة الحاكم
يسقط كل خسيس أو ظالم
تسقط كل معاني الذل
وتسقط دولة كل العسكر

يا حبيبتي يا مصر

امبارح وفي مفارقة عجيبة شفت على قناة المحور كليب لأغنية يا حبيبتي يا مصر لشادية بصور حسني مبارك وأبوتريكة وحسن شحاتة وعادل إمام وتامر حسني والموديلز بتوع إعلانات الحزب الوطني ومشاهد من مارينا وشرم الشيخ وحتتين الآثار اللي لسه ما اتباعوش ولا اتحرقوا ولا اتسرقو
وحسيت قد ايه كنا تافهين وسذج ومغيبين لما اعتبرنا إن الأغنية معمولة عشان الناس دول

بعدها بأقل من نص ساعة شفت كليب تاني لنفس الأغنية على قناة ON TV بصور الشباب من التحرير والمظاهرات والثورة
شفت صور الأمل والحب والمستقبل وحب الحياة اللي ف عيون الولاد وصبايا البلد
شفت العمل والحق والحرية اللي سهرانين في البلاد وشفت العزم والإصرار والصبر وقت ما بيتولدوا
ماشفتش النيل في أحضان الشجر بس شفت المصريين ولأول مرة وهما في أحضان بعض بجد
شفت الرجال السمر الشداد اللي بجد بجد فوق كل المحن وكل المخاطر وكل الوجع
شفت الناس اللي بيتحدوا مش بس الزمن، لكن بيتحدوا الظلم والقهر والخوف والكذب والاستسلام والضعف والجبن
شفت الإصرار في العيون والشجاعة في القلب والطهارة في الروح والنبل في النوايا والسمو في التفكير والصدق في الإخلاص
شفت الأحرار اللي بجد، الناس اللي ماخافوش من حاجة ولا من حد. الناس اللي ضحوا بأرواحهم وبحياتهم وبمستقبلهم عشان خاطر البلد وعشان كده لازم ولابد والطبيعي إنهم هينتصروا
شفت أجدع ناس وأنضف ناس وأشرف ناس وأطهر ناس، شفت المصريين اللي بجد اللي آمنوا وصدقوا إن البلد دي تستاهل نضحي عشانها وحلموا إنها تبقى أحلى وأجمل وأقوى
شفتهم ووقتها حسيت إن الأغنية متفصلة عليهم قوي، ومش بس هما لكنها فعلا بتقصد مبارك ونظامه وإعلامه وأعوانه ومؤيديه، لأن دول بقى اللي بجد ماعدوش على مصر

Thursday, January 27, 2011

والدي العزيز .. من فضلك لا تدعي الوطنية

النوت دي أنا بوجهها في الأساس لبابا ولكل الآباء والأمهات وكل الناس اللي بيمنعوا أهلهم وقرايبهم من النزول للشارع والمشاركة في الثورة

لكل الناس اللي لسه لحد دلوقتي بترفض إنها ترفض تاخد تحرك إيجابي

لكل الناس اللي كل اللي بيعملوه هو الاكتفاء بالمشاهدة والفرجة وإبداء التعاطف بينه وبين نفسه

لكل الناس دي بقولهم أنتم أسوأ من الناس الجهلة

أسوأ من الناس المغيبة اللي لحد دلوقتي لسه مايعرفوش إن البلد فيها ثورة

أسوأ من الناس اللي مش دارية بحاجة ولا كأنهم عايشين في البلد

أنا لو كنت ممكن ألتمسلهم العذر بجهلهم أو قلة ثقافتهم فأنا أقول عليك ايه؟

أنت المفروض مثقف والمفروض عارف حقك لأ وأكتر من كده أنت عارف ايه اللي بيحصل في البلد ومتابع كل حاجة باللحظة

أنت حتى أسوأ من الموالين للنظام وأسوأ من رجالة النظام نفسهم، هما ممكن بيقولوا تهمنا مصلحة البلد لكن بيدوروا على مصلحة شخصية، إنما أنت بتدور على ايه وبتشتغل عشان مصلحة ايه ومصلحة مين؟

أنا عارف إنك حجتك إنك خايف علينا أو إنك عايز مصلحتنا، طيب والبلد دي مش بلدنا؟ الثورة دي معمولة ليه ولمصلحة مين؟ ما هي دي مصلحتنا برده ودي بلدنا برده

عارف لو قلتلي أنا ضد الثورة وضد اللي بيحصل أنا هسكت ومش هتكلم معاك أساساً، لأنك على الأقل وقتها هتبقى أخدت جانب مافضلتش عايم كده لا طعم ولا لون ولا رأي ولا صوت

إنما أنت عارف ومع كده فضلت تسكت، عرفت الحق وماساندتوش، عرفت ايه الصح وماعملتوش، أنا آسف إني أقولك كده ولكنك فعلاً شيطان أخرس

أنا يؤسفني أقولك من فضلك لا تدّعي الوطنية

من فضلك ما تتابعش الأبخار وكل شوية تيجي تسألني ايه آخر الأحداث والمظاهرات

من فضلك ماتتأثرش قوي بصور المتظاهرين وفيديوهات التظاهر

من فضلك ماتعيطش لما أقرألك شهادة عمرو سلامة عن الضرب والاعتقال والبهدلة اللي حصلتله يوم 25 يناير

من فضلك ماتتمزجش قوي وأنا بقرألك النوت بتاعت أحمد العسيلي عن يوم التحرير وماتفضلش تقولي أنا قلت كده أنا عملت الكلام ده

من فضلك ماتدنيش محاضرات بعد كده عن الحق والعدالة والخير ومن فضلك ما تدعيش الوطنية ولا تدعي حب الوطن لأنك أثبت إن كل علاقتك بالحاجات دي هو الكلام مش أكتر

من فضلك ما تنفعلش قوي لما أتهمك بالتخاذل وتقوم تزعق وتقولي أنا أكتر وطنية من الناس اللي نزلوا الشارع، الوطنية يا بابا ماتنفعش من تحت البطانية

من فضلك لا تدّعي الوطنية

بس في الحقيقة أنا أسوأ منك

وأنا كمان لن أدّعي الوطنية

ولن أدّعي إني بحب البلد وإني مع الثورة

أنا أقل من كل الناس اللي شاركوا وأقل من كل الناس اللي نزلوا، أقل منهم لأني جبان

الناس ماخافوش على نفسهم ولا على أرواحهم وهما بيواجهوا العساكر والمدرعات وقنابل الغاز ومدافع المية

ماخافوش لما قرروا ينزلوا ويضحوا عشان خاطر الناس وعشان خاطر البلد

ما خافوش لما قرروا الثورة على الحكومة والنظام والفساد في البلد

إنما أنا خفت منك وخفت من مواجهتك وخفت إني أعبر عن رأيي وإني أوصل صوتي

أنا بكرة هحاول أنزل وهحاول أكون مع الناس، بكرة هحاول لأول مرة في حياتي أحس إني بني وبكرة هحاول أبطل أخاف

هحاول