Saturday, August 14, 2010

أسرة


ثلاثة أشهر على الأكثر و ينتهي كل شيء
 قالها لي طبيب الأورام الشهير مواسياً بعد أن وصل الورم داخلي إلى مرحلة لا يمكن الشفاء منها. رغم قوله الصادم إلا أني لم أشعر بالأسى تجاه نفسي إذ كنت أتوقع ذلك بل و أنتظره 

ودعته و انصرفت في هدوء إلى منزلي، عندما وصلت كنت قد قررت ألا أخبر زوجتي و أولادي بذلك الخبر فلا حاجة بهم أن يحزنوا قبل الأوان، ثم إنني مازال أمامي ثلاثة أشهر كاملة لأقضيها معهم، إذن لأجعلها أسعد أيام حياتنا علّهم يذكرونني بالخير بعد رحيلي 

سآخذهم في رحلة إلى الخارج لنقضيها سويا، سنزور كل البلاد التي لا نعرفها، و نرى كل الأماكن التي طالما حلمنا بها، سنجرب أشياء جديدة و تجارب جديدة و سنعيش كما لم نفعل من قبل

مررت على شركة الطيران و حجزت التذاكر للسفر إلى باريس، اشتريت لزوجتي زهورها المفضلة و أحضرت طعام العشاء و بعض الحلويات و اتجهت إلى المنزل. حين وصلت، وجدته مظلما، كئيبا و خاليا من أي صوت، ظننت أنهم خلوا إلى النوم مبكرا 

قررت ألا أزعجهم و اتجهت إلى غرفة نومي. لم أجد زوجتي هناك فأضأت المصباح و وجدت ورقة موضوعة فوق السرير، قرأت فوجدتها رسالة من زوجتي تخبرني أن الطبيب قد أخبرها كل شيء و أنها أخذت الأولاد و ذهبت لأمها، وأنها تنتظرني هناك لأمر عليها أنا و المحامي لكتابة الوصية و لننظم سويا لحياتها و حياة الأولاد بعد رحيلي

Saturday, August 7, 2010

البريء






"
حكمت المحكمة حضوريا ببراءة المتهم من التهم الموجهة إليه" حين نطقها القاضي في آخر جلسات القضية كنت كمن ردت إليه روحه بعد انتزاعها، حين خرجت من باب المحكمة في طريقي لعربة الترحيلات كنت كمن يرى الضوء لأول مرة، رغم شدة سطوع الشمس إلا أني رحت أتطلع إليها في تلذذ لم أعهده من قبل 

إنها المرة الأولى منذ سنة كاملة التي سأشعر فيها بالحياة تدب في أوصالي من جديد، يمكنني الآن أن أتنفس بحرية وأضحك بحرية، أتقافز، ألهو، أمرح، أعيش بحرية. لا أذكر آخر مرة شعرت بهذا الإحساس من قبل، لكني أدرك جيدا أني لن أفرط فيه بعد الآن 

حين خرجت من السجن لم أجد ما تمنيته، لم أجد أحدا في انتظاري كما كنت أتوقع، لا الأهل ولا الجيران ولا الأصدقاء، لا أحد . حتى نسمات الهواء لم أجدها في استقبالي 

حين وصلت إلى حينا، أدركت حقيقة أن المتهم مدان حتى لو ثبتت براءته. الكل أصبح يتحاشاني الآن، أرى عيونهم تدور في محاجرها، أسمع همهماتهم وتهامسهم وتعليقاتهم القذرة، أشعر بنفورهم وكراهيتهم. حسنا أيها الغوغاء أنا أمقتكم أكثر، أكرهكم أكثر، أنفر منكم أكثر . 

حين صعدت وجدتها هناك تماما كما توقعت، تقف أمام باب شقتها مرتدية واحدا من أثواب نومها الشفافة التي طالما حاولت إغوائي بها ولم تفلح فاتهمتني باغتصابها. حين نظرت نحوها، شعرت بالاشمئزاز منها، شعرت بالغثيان، لكم أمقت تلك اللعينة. أردت أن أبصق عليها، أن أسبها، أن أركلها أو أحطم أنفها البلاستيكي اللامع، أردت أن أقتلها. لكني لم أفعل، فقط أشحت بوجهي عنها وأكملت طريقي نحو باب شقتي 

استمر الحال على هذه الوتيرة طيلة أسبوعين، الناس في همسهم وحديثهم وهي في سفورها وصفاقتها، وأنا لا أفعل شيئا سوى التجاهل. لكني لم أستطع كبح جماح غضبي للأبد، لم أستطع أن أسيطر على نفسي، ليس بعد الآن. قررت الانفجار بعنف، سأنتقم منها ومن الناس ومن نفسي أيضا، سأحقق ما اتهموني به، وسأفعل فيها ما يجعلها تندم على عبثها معي

حين رأيتها جذبت شعرها المموج بكلتا يدي وسحبتها منه كما يسحب العبيد، أدخلتها شقتي ورميت بها على الأرض في عنف وأغلقت الباب. لكمتها في عنف، مزقت قميص نومها، واعتصرتها في شراسة. كل ذلك وهي لم تصرخ صرخة واحدة، ولم تسقط منها دمعة واحدة. حين نظرت في وجهها لأعلن لها أني أتممت انتقامي وشفيت غليلي، وجدتها في قمة التلذذ، في عينها لمعة الشماتة وعلى شفتيها ابتسامة الظفر