Saturday, June 12, 2010

أجوبة


يقولون أن الموت هو الحقيقة المطلقة، و أن من يوشك على الموت يعرف كل الأجوبة . حسناً هذا هو ما يقولونه و لكن هل هذا حقيقي، أم هذا مجرد هذيان أحد السكارى في إحدى الحانات الرخيصة، لا أدري حقاً و لكن الوصول للحقيقة قد يستحق المغامرة، و المعرفة اللانهائية قد تستحق الموت من أجلها، حسناً هذا ما اعتقدته .
تخيل أن كل ما تحلم بمعرفته، كل ما دار يوماً بخلدك، كل ما تساءلت عنه يوماً، و كل ما أرّقك ذات يوم، كل هذا و أكثر ستصل إليه في لحظة واحدة، كل أفكارك و أضغاثك و هلاوسك، كل نظرياتك و خيالاتك و افتراضات، كل ذلك قد يُحل في لحظة واحدة، لحظة واحدة و تصل إلى كل شيء، بالتأكيد بعدها سينتهي كل شيء لكنك على الأقل لن تعِشْ مؤرّقاً ولا مُتسائلاً بعد الآن، في الحقيقة أنت لن تعش بعدها .
حسناً أعتقد أن الأمر يستحق، ولكن لأضمن أن أصل لمعرفة كل شيء، لابد و أن آخذ كل ما أستطيع من وقت، لابد أن أموت بطريقة لا تكون غاية في السرعة و بالتأكيد غير مؤلمة، حسناً سأستبعد الأسلحة و السموم و حوادث الطرق، ربما أقفز من فوق أحد المباني، أو ألقي بنفسي في الماء، ربما أجمع بين الاثنين و أقفز من فوق أحد تلك الأبراج المطلة على ماء، يمكنني حينها أن أستمتع بالسقوط بينما أصل للأجوبة .
حسناً، كل شيء كما يجب أن يكون، السماء رمادية قاتمة، لا الشمس أشرقت ولا السحب أمطرت ولا النسيم تلاعب بالأشياء، إنه حقاً اليوم المثالي للوصول للأجوبة . حسناً سأقف على الحافة و ألقي نظرة الوداع الأخيرة على الدنيا من خلفي، الآن سأفتح ذراعيّ على اتساعهما، سأغمض عيني و أقفز .
كل شيء حولي تغيّر، لم أشعر بإحساس الجاذبية على وجهي من قبل، و كأن كل شيء يسحبني للأسفل، الضغط يزداد على أذني، لم أعد أسمع شيئاً، لم أعد أستطع غلق عينيّ أكثر من ذلك، سأفتحهما الآن. يا الله، يالروعة هذا المنظر، لم أرَ الماء في حياتي بهذه الروعة، لم أشعر يوماً بمدى حبي لرائحة البحر، لم ... .يكفي هذا القدر من التأملات، لأحاول الآن أن أركز فيما جئت هنا من أجله، الوصول للأجوبة .
تباً .. أين ذهبت كل الخيالات، أين اختفت كل التساؤلات، أين ذهب كل شيء، لم يكن عقلي يوماً بهذا الفراغ، اللعنة على تلك الأفكار المقيتة، اللعنة على كل الأسئلة و الإجابات و الأحاجي السخيفة، اللعنة عليّ . سطح الماء يقترب كثيراً و يقترب و يقترب، الموج يزأر كألف ألف وحش، حتى الصخور التفت حول نقطة سقوطي في تناغم مدهش، الجميع أتى ليلتهم مني جزءاً، أيها الملاعين سحقاً لكم و سحقاً لي .
الآن كل شيء تكالب عليّ، الأرض تسحبني لأسفل، و الماء يقذفني للأعلى، و كأن كل خلية من جسدي قد انفصلت عن الأخرى لتسبح في اتجاه مغاير، أحس بجسدي يتفتت ألف ألف قطعة، وكل قطعة تنفجر بعيداً عن الأخرى، حتماً إنها نهاية كل شيء، العجيب أن أخيراً هناك سؤالٌ يُلحُّ عليّ

No comments:

Post a Comment