Sunday, June 27, 2010

ابتسامة


حين رأيته أول مرة، راعني منظره، بائع جرائد أعمى له ذراع واحدة وساق واحدة يجلس داخل كشك صغير وبجواره فتاة لم تتجاوز الثالثة من عمرها، لكن ما استغربته حقا تلك الابتسامة العجيبة على شفتيه، لا أدري إن كانت ابتسامة رضا أو تراضي، هل هي ابتسامة أمل، أم لا تتعدى كونها ابتسامة مجاملة. لا أدري حقاً، لكنها كانت ابتسامة عجيبة

يقولون أنه فقد بصره وأطرافه وزوجته في إحدى الغارات الجوية إبان الحرب لكن الحكومة رفضت إعطائه تعويضا لأنه مدني 

تلك الفتاة الصغيرة ليست ابنته بل هي حفيدته، فقدت أهلها في الانهيار الجبلي الذي حدث مؤخرا وانتقلت بعد ذلك لتعيش مع جدها   وليس له سواها، وليس لها سواه .

شعرت بالتعاطف معه، قررت أن أعطيه مبلغا من المال، لكنه رفضه متعللا بعدم حاجته للمال.قالها وذات الابتسامة لا تفارق وجهه 

حسنا لقد بدأت تلك الابتسامة تستفزني، لقد أحرق ذلك الشقي أعصابي بابتسامته السخيفة تلك، لابد أن يفقد تلك الابتسامة بأية طريقة ممكنة 

لكنه لم يفقدها قط، حتى وأنا أطلق عليه الرصاص بأعصاب باردة بعد أن أحرقت كشك جرائده واختطفت طفلته الوحيدة من بين ذراعيه، ظلت نفس الابتسامة المستفزة تعلو وجهه

2 comments:

  1. يا إلهي !!
    لقد أُصبت بالرعب في السطور الأخيرة..
    مبدعة بقسوة

    ReplyDelete
  2. شكراً ليكي يا وجدان
    هي قاسية بقدر قسوة حال الشعب المصري

    في البداية كانت القصة اسمها رضا، لكن حالنا ينم عن الاستسلام والتراضي أكثر من الرضا

    ReplyDelete