Saturday, August 7, 2010

البريء






"
حكمت المحكمة حضوريا ببراءة المتهم من التهم الموجهة إليه" حين نطقها القاضي في آخر جلسات القضية كنت كمن ردت إليه روحه بعد انتزاعها، حين خرجت من باب المحكمة في طريقي لعربة الترحيلات كنت كمن يرى الضوء لأول مرة، رغم شدة سطوع الشمس إلا أني رحت أتطلع إليها في تلذذ لم أعهده من قبل 

إنها المرة الأولى منذ سنة كاملة التي سأشعر فيها بالحياة تدب في أوصالي من جديد، يمكنني الآن أن أتنفس بحرية وأضحك بحرية، أتقافز، ألهو، أمرح، أعيش بحرية. لا أذكر آخر مرة شعرت بهذا الإحساس من قبل، لكني أدرك جيدا أني لن أفرط فيه بعد الآن 

حين خرجت من السجن لم أجد ما تمنيته، لم أجد أحدا في انتظاري كما كنت أتوقع، لا الأهل ولا الجيران ولا الأصدقاء، لا أحد . حتى نسمات الهواء لم أجدها في استقبالي 

حين وصلت إلى حينا، أدركت حقيقة أن المتهم مدان حتى لو ثبتت براءته. الكل أصبح يتحاشاني الآن، أرى عيونهم تدور في محاجرها، أسمع همهماتهم وتهامسهم وتعليقاتهم القذرة، أشعر بنفورهم وكراهيتهم. حسنا أيها الغوغاء أنا أمقتكم أكثر، أكرهكم أكثر، أنفر منكم أكثر . 

حين صعدت وجدتها هناك تماما كما توقعت، تقف أمام باب شقتها مرتدية واحدا من أثواب نومها الشفافة التي طالما حاولت إغوائي بها ولم تفلح فاتهمتني باغتصابها. حين نظرت نحوها، شعرت بالاشمئزاز منها، شعرت بالغثيان، لكم أمقت تلك اللعينة. أردت أن أبصق عليها، أن أسبها، أن أركلها أو أحطم أنفها البلاستيكي اللامع، أردت أن أقتلها. لكني لم أفعل، فقط أشحت بوجهي عنها وأكملت طريقي نحو باب شقتي 

استمر الحال على هذه الوتيرة طيلة أسبوعين، الناس في همسهم وحديثهم وهي في سفورها وصفاقتها، وأنا لا أفعل شيئا سوى التجاهل. لكني لم أستطع كبح جماح غضبي للأبد، لم أستطع أن أسيطر على نفسي، ليس بعد الآن. قررت الانفجار بعنف، سأنتقم منها ومن الناس ومن نفسي أيضا، سأحقق ما اتهموني به، وسأفعل فيها ما يجعلها تندم على عبثها معي

حين رأيتها جذبت شعرها المموج بكلتا يدي وسحبتها منه كما يسحب العبيد، أدخلتها شقتي ورميت بها على الأرض في عنف وأغلقت الباب. لكمتها في عنف، مزقت قميص نومها، واعتصرتها في شراسة. كل ذلك وهي لم تصرخ صرخة واحدة، ولم تسقط منها دمعة واحدة. حين نظرت في وجهها لأعلن لها أني أتممت انتقامي وشفيت غليلي، وجدتها في قمة التلذذ، في عينها لمعة الشماتة وعلى شفتيها ابتسامة الظفر

1 comment: