Monday, November 8, 2010

صمت

 
لا ندري حقاً من منا دخل الحالة أولا، من منّا اختار الصمت . لكنّا وافقنا عليه معاً و رضينا به سيداً للوضع بيننا . 

في فترة خطبتنا كانت لقاءاتنا و زياراتنا و أحاديثنا الهاتفية لا تنقطع، حتى في أشهر زفافنا الأولى كنا لا نكاد نصمت. بمرور الوقت أصبحنا نكتفي بمحادثات أوقات الشاي و الطعام و تحيات الاستيقاظ الخاطفة. بعدها أصبحنا نكتفي بالأحاديث الروتينية الباردة، ثم أخيرا اختفتى الابتسام بيننا وبدأ الصمت . 

أصحو من نومي، أتأملها، أتحسس وجهها بأصابعي، مازالت كما هي منذ تقابلنا أول مرة -ملاك بكل معاني الكلمة- وجهها الرقيق، بشرتها، ملمسها الناعم، رائحتها الخلابة، كل شيء كما هو لم يتغير، إلا ابتسامتها و لمعة عينها قتلهما الصمت أو قتلتهما أنا . 

تستيقظ هي الأخرى، تتأملني، ننهض سوياٍ، نفطر سوياً، نرتدي ثيابنا سوياً و نخرج سوياً، لكن يفصلنا الصمت . 

لا أدري حقاً سبباً للصمت، مازلت أحبها كما كنت بل ربما أكثر من قبل، مازالت تملأ كل كياني. مازلت أقضي يومي في تحضير كلامي، مازال في داخلي ما أريد أن أبوح به، لكن كلامي يأبى أن يخرج فأكتفي بالنظر إليها . 

هي أيضا تفعل مثلي، تتأملني، تفكر، تنازعها الكلمات، لكن فمها يأبى النطق. عينها تشي بها، تقول أنها تحبني كما أحبها. أنها مثلي تريد البوح، لكن يمنعها الصمت . 

لابد و أن ننهي تلك الحالة، أن نخرج من ذاك القفص اللعين، أن نهزم هذا الصمت. أُوقِف السيارة، ألتفتُ إليها، أجدها تتأملني في شغف، أمد يدي نحوها، أتحسس كف يدها. تحتضن أصابعي في حنان، أبتسم لها، أهم بالبوح لكن لا أقدر، لا أجد ما أُعبر به عمّا بداخلي، فأكتفي بالصمت، تدمع عيناها، أحتضنها، تختلط دموعنا، نتشابك طويلا، نكاد نلتحم، ولكن يفصلنا الصمت .

No comments:

Post a Comment