Sunday, August 16, 2009

عاجز

على الرغم من خبرته الطويلة وتاريخه الممتد لأكثر من ثلاثين عاماً، وكل ما ناله من المجد والشهرة والإعجاب؛ إلا أن ذاك الشعور مازال ينتابه كلما شاهد الحشود الغفيرة المصطفة من أجله .
ذاك الشعور الذي تملكه حين صدح بالغناء أول مرة وهو بعد لم يتعد طور المراهقة، ليس شعوراً بالرهبة أو الخوف؛ فقد اعتاد دائماً وأبداً على إثارة الجدل وتحدي الآخرين، اعتاد أن يفعل ما يريد وقتما يريد. هو ليس شعوراً بالقلق أو الارتباك؛ فقد اعتاد دائماً على أن يكون محط الأنظار ومثار التساؤلات. إنما هو شعور بالانتشاء، بالسمو فوق كل ما هو بشريّ حتى يكاد يبلغ عنان السماء، إنه حقاً شعور ملائكيّ .
انتابه هذا الشعور حينما سمع تحية الجماهير من حوله، بكاء المراهقين، نحيب الفتيات وصراخ المحبين. أراد أن يلبي النداء ويرد التحية بخيرٍ منها -كما اعتاد دوماً- ولكن جسده لم يُطاوعه. حاول أن يصرخ ولكن صوته –وللمرة الأولى في تاريخه- تحشرج فأصبح أقرب للاختناق .
رغم ما به من ألم وحسرة واندهاش، فقد أصرَّ على المقاومة وتلبية نداء الجماهير التي عشقته دوماً . حاول جاهداً أن يتحرّك، أن يصرخ، أن يفعل شيئاً ولكنه كلّما جاهد أكثر، كلما فشل أكثر.
بدأت الصورة تتضح شيئاً فشيئاً، ذاك الإحساس الخشبيّ البارد حوله ليس ملمس المسرح تحت قدميه، بل هو ملمسٌ يحيط به من كل ناحية. أدرك الآن لماذا عجز عن إلقاء التحية على جمهوره وأداء رقصته المشهورة، أدرك لماذا -وللمرة الأولى- لا يشعر بقلبه يخفق داخله، أدرك لماذا يشعر بالعجز.

No comments:

Post a Comment