Friday, January 7, 2011

أمل


"غداً سيختلف بالتأكيد"
ظل يردد تلك الجملة قبيل نومه -كما اعتاد دوماً- حتى تشبعت بها روحه وأوشك على تصديقها 
في الصباح استيقظ -كعادته- قبل أن ينطلق جرس المنبه بدقيقتين، لا يعلم حقا ما الذي يوقظه في هذا التوقيت، حاول مراراً أن يغير ميقاتي المنبه لكنه دوماً يستيقظ قبل انطلاقه بدقيقتين 
ينهض من فراشه متكاسلاً، يفتح نافذته على مصراعيها داعياً أشعة الشمس للدخول لكنها أبداً لا تفلح في تجاوز البناء الضخم المواجه له. رغم علمه أن كل ما سيدخل من نافذته هو الظل والغبار، وأن أشعة الشمس لن تخترق البناء المواجه، إلا أنه مازال يحلم بنجاح أحد الأشعة في التسلل إلى نافذته وقتل الظلال داخل روحه. 
 بعد دقائق الانتظار  يدرك أن الشمس –مثلها مثل باقي المخلوقات- تضن عليه هي الأخرى، وأنه ليس مقدراً له أن يشعر ببعض الدفء أو أن تداعب قلبه الفرحة بالنور، فيغلق نافذته في صمت. يرتشف فنجان القهوة الصباحية على عجل، يرتدي زيه الرسمي، يرسم على وجهه ابتسامةً يحاول جاهداً ألا تبدو مصطنعة، وينطلق في رحلته اليومية. 
يعود إلى غرفته قبيل انتصاف الليل، يغلق بابها في إحكام ويحاول فتح أبواب روحه الموصدة، يحاول الاستسلام لِذاتِه، يحاول أن يخرج بعض مما يتراكم داخله من الانفعالات والرغبات والصرخات والألم، لكن ذاته التي ألجمها طوال النهار رفضت أن تطاوعه وفضلت الانزواء في إحدى الأركان المظلمة داخل تجاويفه –وما أكثرها-. يضبط ميقاتي المنبه آملاً ألا يستيقظ قبل ميعاده بدقيقتين، يستوي على فراشه الصغير عاقداً محملقاً في تكوينات الرطوبة أعلى سريره. يُقرّر أن ينام الليل مُنبسطاً على ظهره، فاتحاً ذراعيه للا شيء، لكنه سريعاً ما يتراجع عن الفكرة –بفعل البرد أو بفعل الخوف، أو في الأغلب كليهما معاً- ينقلب على جانبه الأيسر، يضمّ ركبتيه إليى صدره ويحوطهما بذراعيه –علّه يوهم ذاته أن هناك من يحتضنه فترُدُّ عليه ببعض الأُلفة-. يُغلق عينيه وأذنيه ويكتُم أنفاسه في محاولة للقضاء على فوضى الأصداء المتداخلة داخل رأسه، أخيراً ينجح في التركيز على الصدى الصوت الوحيد الذي يريد أن يُصدّقه
 "غداً سيختلف بالتأكيد"

No comments:

Post a Comment